لكل منا تركيب تشريحى لمخه يتحكم فى شخصيته و مهارته و قدرته و لكن هل يستطيع الإنسان تغيير هذا التركيب التشريحى؟
...... نعــــم ........
فى سنة 2000 قامت عالمة مخ و أعصاب بإحدى الجامعات بدراسة أمخاخ سائقى التاكسى , لأن سائق التاكسى لديه
مهارة كبيرة تمكنه من معرفة الطرق و الأماكن و تحديدها بدقة عالية , لذلك قررت معرفة مدى تأثير هذا فى مخ سائق التاكسى و تركيبه التشريحى
إكتشفت أن المنطقة المسئولة عن تحديد و تذكر الأماكن و الطرق فى مخه أصبحت أكبر من مثيلاتها فى مخ الإنسان العادى
و ليس هذا فقط ... بل وجدت أن السائق الذى يتمتع بخبرة أكبر و أطول يتضخم هذا الجزء عنده أكثر من باقى السائقين
ما معنى هذا ؟
إن طول مدة ممارسة القيادة .. أدت الى تغيير المخ كى يتلاءم مع هذه الوظيفة أى أنه كما لو أُعيد تشكيله من جديد لكى يتلاءم مع مهام وظيفته
إننا لسنا محكومين بتكوين مخنا كما كان العلماء يعتقدون قديماً و لكن بإمكانك إعادة تشكيله كيفما تشاء (و بالمناسبة حصلت هذه العالمة على جائزة نوبل فى الطب سنة 2003 عن هذا الإكتشاف )
و لكن ما تفسير هذا ؟
تخيل أن مخك مكون من مجموعة من الدوائر الكهربية و فيها أسلاك كثيرة تنقل الكهرباء من مكان الى آخر لتنفيذ المهام المختلفة
و نفترض أنك قررت تعلم القيادة مثلاً على سبيل المثال , و بالفعل بدأت فى تعلم أول خطوة .. فما الذى سيحدث داخل مخك ؟
سيقوم المخ بمد فرع جديد من أحد الأسلاك ليكون هذا الفرع مسئولاً عن هذا النشاط الجديد الذى تتعلمه و هو هنا القيادة
و مع التكرار و الممارسة تستمر الكهرباء فى المرور داخل هذا الفرع مما يجعله أقوى و يمتد معه أسلاك جديد فرعية ليصبح السلك أكثر سمكاً و قوة
و كلما مارست و تعلمت من الأخطاء كلما تكوّن فروعاً أخرى معه ليصبح كابل كامل و قوى و بذلك أصبحت مهارة ثم عادة راسخة لا تبذل أى مجهود ذهنى لممارستها
أو بشكل علمى و أكاديمى ( المعلومات المكتسبة تكوّن لها روابط عصبية جديدة تربط بين الخلايا العصبية و بتكرار الممارسة تقوى هذه الروابط الجديدة و تزداد ثباتاً ) .. ( إقرأ موضوع : إزاى تزود ذكاءك ؟ )
ييأس بعض الناس حين يحاولون التغيير و لا يستطيعون و لكن هذا طبيعى جداً لأن التغيير يكون صعب فى البداية فأسلاك مخك ليست مرتبة بهذه الطريقة بعد فأنت تقوم بتغيير التركيب ذاته من تكوين وصلات جديدة أو روابط جديدة تكون ضعيفة جداً فى البداية يمربها تيار قوى قد لا تتحمله فى البداية و لكن بالتكرار تقوى الروابط و تتحمل التيار بكل سهوله و تقوم بنقله فلا تتوقف أبداً عن المحاولة مهما بدت صعبة فى البداية و لكن النجاح مضمون و ذلك بإستمرار التعلم و الممارسة
شكّل تركيب مخك من جديد و أعد بناؤه لكى يتلاءم مع ما تحلم بتحقيقه فى الحياة